logo
Latest News

مكاتب المحاماة الأجنبية بين المنع والاحتواء


تعمل العشرات من مكاتب المحاماة العالمية في المملكة العربية السعودية من عدة سنوات دون تنظيم، فهل يعد ذلك أمرا مقبولا، وهل تستطيع المكاتب الوطنية تغطية المجال القانوني لها، هذا ما سنناقشه في هذه الدراسة المختصرة.

بداية، ما الذي تتميز به المكاتب الأجنبية لتلجأ لها الجهات الحكومية والخاصة؟ يمكن حصر نشاطات المكاتب الأجنبية بالآتي:

1- الخدمات المقدمة للبنوك وشركات التمويل، فالمكاتب العالمية تقوم بصياغة اتفاقيات التسهيلات، والمنتجات التمويلية، والخدمات المصرفية المتعددة، وصياغة شروط الصكوك والتمويل الجماعي ونحوها.

2- الخدمات المقدمة من شركات التأمين، ويشمل ذلك المنتجات التأمين باتفاقياتها.

3- الخدمات المقدمة للشركات الصناعية الكبرى، مثل سابك والمؤسسة العامة للتحلية وشركة أرامكو والشركات المماثلة في النشاط البتروكيميائي.

4- الخدمات المقدمة لشركات الطيران من شراء واستئجار للطائرات ونحو ذلك.

5- الخدمات المقدمة للشركات المالية، من تعهد بتغطية الاكتتاب وخدمات الطرح للاكتتاب واتفاقيات طرح الصناديق الاستثمارية المغلقة والمفتوحة ونحوها.

6- خدمات دمج الشركات واستحواذها على بعضها البعض، وفصلها عن بعض، وتصفيتها، ويشمل ذلك وخطابات النوايا ومذكرات التفاهم والاتفاقية النهائية.

7- خدمات الشركات من عقود التأسيس والأنظمة الداخلية وعقود الشراكة والوكالات التجارية ونحوها، وخدمات الطرح للاكتتاب من تقديم نشرة الإصدار وغيرها من متطلبات هيئة السوق المالية.

8- الخدمات المقدمة للجهات الحكومية لصياغة الأنظمة والاستشارات الخارجية.

ولا زالت الجهات الكبرى لا تثق بالمحامي الوطني ثقتها بالمحامي الأجنبي، ويرجع ذلك لأسباب:

1- خبرة المكاتب الأجنبية التي يزيد بعضها على مئة سنة.

2- كون تلك المكاتب لديها قدرة فائقة في التمويه على العميل بطول الاتفاقيات وكثرة الاحترازات التي لا حاجة لها في القضاء السعودي.

3- استخدام المفردات الإنجليزية الصعبة والتركيبات المعقدة بحيث لا يفهمها من يتحدث الإنجليزية بسهولة.

ونتج عن ذلك الآتي:

1- هدر في الاقتصاد الوطني، بحيث يتم تحويل مئات الملايين للخارج دون أن يستفيد الوطن منها.

2-  عدم نقل الخبرة المحلية، لكون تلك المكاتب تعمل تحت نطاق التستر التجاري، وليس للسعودي سوى الاسم ومبلغ من المال لقاء استخدام اسمه.

3- اللجوء للمحاكم الإنجليزية أو غرفة التحكيم في باريس بسبب عدم فهم المحامي الأجنبي للقوانين المحلية والشريعة الإسلامية.

محاولة للحل:

وقد سعت كليفرد تشانس والتي كانت تعمل في السعودية بطريقة غير نظامية لتصحيح وضعها، وصدر لها تصريح من وزارة التجارة فاعترض أحد المحامين بدعوى إدارية فصدر الحكم القضائي من محكمة الاستئناف الإدارية في القضية بالرقم 2530 لعام 1436ه، وألغت قرار إلغاء التصريح لعدم الحصول على موافقة وزارة العدل مع تصريح الهيئة العامة للاستثمار.

والبعض يقول بأن المكاتب الأجنبية تمارس الاستشارات القانونية فلماذا لا يتاح لها، بحيث يقتصر الترافع على المحامي السعودي، ويتاح للمكاتب الأجنبية تقديم الاستشارات القانونية كما يتاح لها تقديم الاستشارات الأخرى بعد أخذ الموافقات الرسمية، وفي وجهة نظري أن ذلك مخالف للنظام، فقد نصت المادة الأولى من نظام المحاماة الصادر بالمرسوم الملكي الكريم م / 38 وتاريخ 28/7/1422ه،  على الآتي:

" يقصد بمهنة المحاماة في هذا النظام :

الترافع عن الغير أمام المحاكم وديوان المظالم، واللجان المشكلة بموجب الأنظمة والأوامر والقرارات لنظر القضايا الداخلة في اختصاصها,

ومزاولة الاستشارات الشرعية والنظامية. 

ويسمى من يزاول هذه المهنة محامياً ويحق لكل شخص أن يترافع عن نفسه."

وقد  اشترطت المادة الثالثة من نظام المحاماة، فيمن يزاول مهنة المحاماة أن يكون اسمه مقيدا في جدول المحامين الممارسين مع الاشتراط أن يكون سعوديا، ويجوز لغير السعودي مزاولة مهنة المحاماة طبقاً لما تقضي به الاتفاقيات بين المملكة وغيرها من الدول.

والبعض ظن أن هذه الفقرة تتيح لغير السعودي الحصول على التصريح بناء على ما ورد في الوثيقة الثالثة من وثائق منظمة التجارة العالمية التي وافقت عليها المملكة بموجب المرسوم الملكي ذي الرقم م/54 والتاريخ 21/9/1426ه حيث أتاحت تقديم الخدمات ومنها الاستشارات ولم يتم فيها اشتراط موافقة وزارة العدل على قيد الأجنبي في جدول المحامين الممارسين لديها.

ويبدو أن هذا الفهم غير دقيق، لأن ذلك مشروط بموافقة الجهات المحلية، وهي في المملكة الهيئة العامة للاستثمار، وقد نصت المادة الأولى من لائحة نظام الاستثمار على الآتي:

المستثمر الأجنبي : الشخص الطبيعي الذي لا يتمتع بالجنسية العربية السعودية ، أو الشخص الاعتباري الذي لا يتمتع جميع الشركاء فيه بالجنسية العربية السعودية.

والمحامي الأجنبي يشمل دخوله المنفرد أو بشراكة مع غيره، ففي المادة الرابعة من النظام:

يجوز أن تكون الاستثمارات الأجنبية التي يرخص لها للعمل طبقاً لأحكام النظام وهذه اللائحة بإحدى الصورتين الآتيتين :

  1. 1.   منشآت مملوكة لمستثمر وطني ومستثمر أجنبي
  2. 2.   منشآت مملوكة بالكامل لمستثمر أجنبي .

وقد اشترط النظام أن يحصل الأجنبي على تصريح قبل ممارسته لأي نشاط داخل المملكة، فقد نصت في المادة الثانية على الآتي:

 تصدر هيئة الاستثمار الترخيص للجهات الأجنبية التي ترغب ممارسة أي نشاط داخل المملكة بصفة دائمة أو مؤقتة.

وموافقة وزارة العدل شرط لحصول المكاتب الأجنبية على التصريح، ومستند ذلك أن المادة السابعة من اللائحة التفيذية لنظام الاستثمار الأجنبي أكدت اشتراط موافقة الجهات ذات العلاقة، ووزارة العدل هي الجهة المختصة بمكاتب المحاماة.

والبعض يستند جواز تسجيل شركة المحاماة الأجنبية حسب نظام الشركات المهنية حيث ورد في المادة الأولى جواز مشاركة المهنيين السعوديين المرخص لهم لشركات مهنية أجنبية متخصصة وفق شروط جرى تحديدها في المادة الثانية من اللائحة التنفيذية للنظام،

وهذا غير دقيق في وجهة نظري، فإن المادة الثامنة عشرة من نظام الاستثمار الأجنبي نصت في نهايتها على إلغاء كل ما يتعارض معه من أحكام، أي في الواقع إلغاء إمكانية تأسيس شركة مهنية وفق المادة الأولى من نظام الشركات المهنية مباشرة مع طرف أجنبي بدون الترخيص له من الجهة المختصة كمستثمر أجنبي.

طلب إستشارة 0505443935